إني لأتخايل دخول الجنة و دوام الإقامةفيها من غير مرض و لا بصاق و لا نوم و لا آفة تطرأ بل صحة دائمة و أغراض متصلة لايعترضها منغص ، في نعيم متجدد في كل لحظة ، إلى زيادة لا تتناهى . فأطيش و يكادالطبع يضيق عن تصديق ذلك ، لو لا أن الشرع قد ضمنه .
معلوم أن تلك المنازلإنما تكون على قدر الإجتهاد ههنا . فوا عجباً من مضيع لحظة فيها .
فتسبيحهتغرس له في الجنة نخلة أكلها دائم و ظلها .
فيا أيها الخائف من فوت ذلك شجعقلبك بالرجاء .
و يا أيها المنزعج لذكر الموت تلمح ما بعد مرارة الشربة منالعافية .
فإنه من ساعة خروج الروح ، لا بل قبل خروجها تنكشف المنازللأصحابها فيكون سير المجذوب للذة المنتقل إليه .
ثم الأرواح في حواصل طيرتعلق في أشجار الجنة .
فكل الآفات و المخالفات في نهار الأجل ، و قد إصفرتشمس العمر . فالبدار البدار قبل الغروب و لا معين يرافق على تلك الطريق إلا الفكرإذا جلس مع العقل فتذاكرا العواقب .
فإذا فرغ ذلك المجلس ، فالنظر في سيرالمجدين فإنه يعود مستجلباً للفكر منها للفضائل ، و التوفيق من وراء ذلك .
ومتى أراك لشيء هيأك له .
فأما مخالطة الذين ليس عندهم خبر إلا من العاجلةفهو من أكبر أسباب مرض الفهم و علل العقل . و العزلة عن الشر حمية ، و الحمية سببالعافية .